يناير 2014
في مساء شديد البرودة بعد نهاية يوم دراسي، وفي وسط ميدان هارفارد بالولايات المتحدة الأمريكية، شاهدتُ وزميلي - الصديق العزيز- صادق مبنى معلق عليه لافتة كُتِب عليها "الجَزائر".
فقررنا الدخول واكتشفنا بداخله مقهى ذو طابع شرق أوسطي. سعدنا جدا بذلك، وشعرنا كأننا وجدنا كنزًا...
حيث كان كذلك حقًا.
أتذكر ملامح المكان حيث كانت جدران المقهى مطلية بلونين أحمر وأصفر، والطاولات والكراسي خشبية، وآلة صنع القهوة القديمة موضوعة عند المدخل، وكان الجو مريحاً وحيويًا. شعرتُ وكأنه موطن للكثيرين.
هناك، رحَّبت بنا سارة -التي تعمل بالمقهى- بحفاوة وطلبت منا الجلوس. ثم حدَّثتنا عن المقهى "الجزائر" ومالكها "إميل درزي"، وهو فلسطيني هاجر منذ 50 عاماً إلى دولة الجزائر ومنها إلى الولايات المتحدة الأمريكية. وأخبرتنا سارة في ذلك اليوم بأن "إميل" كان قد غادر المقهى في تلك الليلة قبل وصولنا إليه ببضع دقائق، وأننا بالتأكيد سيمكننا أن نلتقي به إذا أتينا إلى المقهى في أي يوم آخر.
في اليوم التالي، ذهبتُ إلى "الجزائر" ورأيت صادق جالس هناك مع رجل كبير السن - اتضح بأنه إميل درزي. فتقدمت إلى إميل وعرَّفته بنفسي. وعندما سمع بأنني من عُمان، وقف بكل قوته، على الرغم من ضعف حركته، وأنزل إطاراً كان معلقاً خلف طاولتنا مباشرةً، فناولني الإطار وأشار إليه. أمعنتُ النظَر فيه، وبدهشة بالغة، وجدتُ نفسي أحمل رسالة خطَّها السلطان سعيد بن سلطان الذي حكَم عُمان في الفترة من عام 1804م إلى 1856م، حيث كانت تلك الفترة حاسمة في التاريخ العماني بأن شهدت البلاد نمواً كبيراً في عهده، حيث تضمَّنت إرسال أول مبعوث عربي إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
كان إميل إنسانًا لطيفًا، وأتذكر أنه دعانا إلى منزله لرؤية مجموعته من الكتب. كان لديه واحدة من أولى ترجمات القرآن الكريم باللغة الإنجليزية. لقد كانت فعلاً لحظة رائعة حين حمَلتُ الكتاب بين يدي.
على مر السنين، تشكلت رابطة قوية بين إميل وصادق أشبه بالعلاقة التي تربط الأب بإبنه. فحين عانى إميل من المرض، وقف صادق إلى جانبه، واعتنى به بكل الطرق التي يمكن تخيلها إلى اللحظة التي دفن فيها إميل وانتقل الى مثواه الأخير في عام 2018م.
قُبيل وفاة إميل بأيام، أخبر صادق بأنه يريدني أن أحصل منه على رسالة السلطان. لقد كان لي الشرف والامتنان أن أُعهَد بمثل هذه الجوهرة التاريخية. بعد إستلامها، أخذتُها إلى هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية في عُمان للتأكد من صحتها. فقام المسؤولون هناك بإخراجها من إطارها لفحصها، وبمجرد أن تيقنوا بكونها رسالة حقيقية كتبها السلطان سعيد بن سلطان، همُّوا بسؤالي عن كيفية تمكني من الحصول على الرسالة، وأين كانت؟ وكيف؟
فأجبت السائل بقولي:"هل تصدق لو قلت لك بأنها كانت معلقة في مقهى في أمريكا"؟!
استلهمت فكرة "موماز" في الفترة التي أمضيتُها في أمريكا، حيث اكتشفتُ حبي للقهوة، وأيضا كانت نابعة من رؤية أخي المتعلقة بالارتقاء بسوق المأكولات والمشروبات في عمان.
كما استلهمت موماز من الرغبة في إيجاد مكان في عُمان يوفر للمجتمع مساحة نابضة بالحياة للاجتماع مع العائلة والأصدقاء وتقديم أفضل المنتجات.
نحن فخورون بكوننا علامة تجارية متجذرة في الرغبة الجادة في منح بلدنا أفضل ما نستطيع والنمو دولياً كعلامة تجارية عمانية.
هذه الرسالة التاريخية التي كانت معلقة بأناقة في مقهى بوسَط ميدان هارفارد بالولايات المتحدة الأمريكية منذ أكثر من 40 عاماً، يتم عرضها اليوم بكل فخر في أحد المقاهي في موطنها الأصلي في عُمان.
- مؤسسو موماز

*احتفالاً باليوم الوطني العماني، سيتم عرض المخطوطة الأصلية في موماز - فرع مدينة الإعلام - خلال الفترة من يوم 18 نوفمبر حتى 30 نوفمبر.
موقع موماز - فرع مدينة الإعلام: